تفسير رؤيا الجن والشيطان للعالم ابن سيرين



تفسير رؤيا الجن والشيطان:

رؤيـا الـجـن •

قال الأستاذ أبو سعد: من رأى كأنه يعلم الجن القرآن، أو يستمعونه منه ،

رزق الرياسة والولاية، لقوله تعالى: (قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن؟

(الجن: ۱).

رؤيا الشياطين .]

من رأى كأن طائفا من الشيطان مسـه وهو مشتغل بذكر الله تعالى، دلت

رؤياه على أن له أعـداء كثيرة يريدون إهلاكه، فلا ينالون منه مرادهم، لقوله

تعالى: «إن الذين اتقـوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا» (الأعراف :

۲۰۱). فإن رأى كأن شهابا ثاقبا يتبع شيطانا، دلت رؤياه على صحة دينه، ومن

رأى كأن الشيطان خـوفه، دلت رؤياه على إخلاصـه في دينه، وعلى أمن من

خوف هو فيه، بدليل قوله تعالى: «فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين؟

(آل عمران: 175).

فإن رأى كأن الشيطان قد مسه، دلت هذه الرؤيا على فرج صاحبها من

غم، أو شفاء من مرض، لقوله تعالى: (واذكر عـبدنا أيوب إذ نادى ربه أني

مسنى الشيطان» (ص: ٤١).

ومن رأى كأنه ملك الشياطين فاتبعوه وانقادوا له، نال رياسة وهيسبة وقهر

أعداءه، لقوله تعالى: «ومن الشياطين من يغوصون له﴾ (الأنبياء: ٨٢). فإن

رأى كأنـه قيـد الشيطان، نال نصـرة، لقوله تعالى: «مقرنين في الأصفاده

(إبراهيم : ٤٩).

تفسير رؤيا السماء في المنام :

رؤيا السماء]

السماء تدل على نفسها، فما نزل منهـا أو جاء من ناحيتها جاء نظيره وهيه

من عند الله، ليـس للخلق فـيـه سـبب . وإن نزل منهـا مـا يدل على الخصب

والرزق والمال، كالعسل والزيت والتين والشعير، فإن الناس يمطرون أمطاراً

نافعة، يكون نفعها في الشيء النازل من السماء، وربما دلت السماء على حشم

السلطان وذاته، لعلوها على الخلق وعجزهم عن بلوغها، مع رؤيتهم وتقلبهم

في سلطانها، ونفعهم عن الخروج من تحتها. فما رئى منها وفيها، أو نزل بها

وعليـها، من دلائل الخير والشر، وربما دلت على قصره ودار ملكه وفسطاطه

وبيت ماله، فمن صعد إليها بسلم أو سبب ، نال

مع

الملك رفعة .

وإن وصل إلى السماء بلغ غاية الأمر، فإن عاد إلى الأرض، نجا مما دخل

فيه. وإن كان الواصل إلى السماء مريضا في اليقظة ثم رجع إلى الأرض، بلغ

الضر فيه غايته ويئس منه أهله ثم ينجو إن شاء الله ؛ إلا أن يكون في حين نزوله

أيضا في بئر أو حفير، فإن ذلك قبره وذلك بشـارة بالموت على الإسلام، لأن

الكفار لا تفتح لهم أبواب السماء، ولا تصعد أرواحهم إليها .

ومن رأى أبواب السماء وكان يصعد منها ذباب أو نحل أو عصافير أو نحو

ذلك، فإن كان الناس في جدب مطروا وابلاً قال الله تعالى: «ففتحنا أبواب

السماء بماء منهمر (القمر: 11). ولا سيما إن نزل منهـا ما يدل على الرحمة

والخصب، كالتراب والرمل بلا غبار ولا ضرر .

وأما إن رمى الناس منها بسهام، فإن كانت تقع عليهم بلا ضرر فيجمعونها

ويلتقطونهـا، فغنائم من عند الله، كالجراد، وأصناف الطير كالعصفور والقطا

والمن، غنائم وسهام بسبب السلطان في جهاد ونحوه، أو أرزاق وعطايا يفتح لها

بيوت ماله وصناديقه. وأما دنو السماء، فيدل على القرب من الله، وذلك لأهل

الطاعات والأعمال الصالحات. وربما دل ذلك على الملهوف المضطر الداعي،

يقبل دعاؤه ويستجاب، لأن الإشارة عند الدعـاء بالعين إلى ناحية السماء، وربما

دل ذلك على الدنو والقرب من الإمام والعالم والوالد والزوج والسيد، وكل

من هو فوقك بدرجة الفضل، على قدر همـة كل إنسان في يقظته ومطلبه وزيادة

منامه، وما وقع في ضميره .

وأما سقـوط السماء على الأرض، فربما دل على قدوم السلطان إلى تلك

الأرض إن كان مسافراً وقد يعـود أيضا ذلك خاصـة على سلطان صاحب المنام

وعلى من فوقه من الرؤساء من والد أو زوج أو سيد ونحوهم، وقد يدل

سقوطها على الأرض الجدبة، أو كان الناس يدوسـونهـا بالأرجل من بعـد

سقوطها وهم حامـدون، وكانوا يلتقطون منها ما يدل على الأرزاق والخصب

والمال، فإنهـا أمطار نافعة عظيـمة الشأن، والعرب تسمى المطر سـماء، لنزوله

منها .

ومن صعد فدخلها، نال الشهادة وفاز بكرامة الله وجواره، ونال

ذلك

مع

شرفا وذكرا. ومن رأى أنه السماء، فإنه يأمر وينهى. وقيل : إن السماء الدنيا

وزارة، لأنها موضع القمر، والقمر وزير، والسـماء الثانيـة أدب وعلم وفطنة

ورياسة وكفاية، لأن السماء الثانية لعطارد. ومن رأى أنه من السماء الثالثة، فإنه

ينال نعمة وسرورا وجواري وحليا وحللاً وفرشا، ويستغنى ويتنعم، لأن سيرة منها .

السماء الثالثة للزهـرة. ومن رأى أنه في السماء الرابعة، نال ملكا وسلطنة

وهيبة، أو دخل في عمل ملك أو سلطان، لأن سيرة السمـاء الرابعة للشمس .

فإن رأى أنه في الخامسة، فإنه ينال ولاية الشرط أو قتالاً أو حربا أو صنعة مما

ينسب إلى المريخ، لأن سيرة السـماء الخامسة للمريخ، فإن رأى أنه في السماء

السادسة، فإنه ينال خيراً من البيع والشراء، لأن يرة السمـاء السادسـة ،

للمشترى، فإن رأى أنه في السماء السابعة، فإنه ينال عقاراً وأرضـا ووكالة

وفلاحة وزراعة ودهقنة في جيش طويل، لأن سيـرة السماء السابعة لزحل، فإن

لم يكن صاحب الرؤيا لهذه المراتب أهلاً، فإن تأويلها لرئيسه أو لعقبه أو لنظيره

أو لسميه .

ومن رأى أن السماء اخضـرت، فإنه يدل على كثرة الزرع في تلك السنة .

وإن انشقت السماء وخرج منها شيخ، فهو جدب تلك الأرض ونيلهم خصبا ؛

وإن خرج غنم فإنه غنيمـة، فإن انفتقت السماء فإن المطر يكثـر. والنظر إلى،

السماء ملك من ملوك الدنيا، فإن نظر إلى ناحية المشرق، فهو سفر وربما نال ،

سلطانا ونعمة، وأمن مكائد عدوه. فإن رأى كأنه يدور في السماء ثم ينزل، فإنه

يتعلم علم النجـوم والعلوم الغامضة ويصير مذكورا بين الناس. فإن رأى كأنه

استند إليها، فإنه ينال رياسة وظفرا بمخالفيه

بین

وحكى أن رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت ثلاثة نفـر لا أعرفهم، رفع

أحدهم إلى السماء، ثم حبس

الآخـر

السماء والأرض، وأكب الآخر على

وجهه ساجدا، فقال ابن سيرين : أما الذي رفع إلى السماء، فهي الأمانة رفعت

من بين الناس، وأما المحتبس بين السماء والأرض، فهي الأمانة تقطعت، وأما

الساجد، فهي الصلاة إليها منتهى الأمة .

رؤيا الهواء]

من رأى أنه يبني في الهواء بنيانا، أو يضرب فيـه فسطاطا، فإن كان أخضر

اللون وكان مريضا مات شهيدا .

وأما الطيران في الهواء، فدال على السفر في البحر، أو في البر، فإن كان

ذلك بجناح، فهو أقوى لصاحبه وأسلم له وأظهر، فقد يكون جناحه مالا ينهض

به، أو سلطانا يسافر في كنفه وتحت جناحه . وكذلك السباحة في الهواء، ومن

رأى أنه طار عرضا في السماء، سافر سفراً بعيداً أو نال شرفا. 

رؤيا الوثب في الهواء]

أمـا الوثب، فدال على النقلة مما هو فيه إلى غيره، إما من سـوق إلى

غيره، أو من دار إلى محلة، أو من عمل إلى خلافه، على قدر المكانين، فإن

وثب من سوق إلى مسجد، آثر الآخرة على الدنيا. ومن وثب من مكان إلى

مكان، تحول من حال إلى حال. والوثب البعيـد سفر طويل، فإن اعتمد في

وثبه على عصا، اعتمد على رجل قوى .

رؤيا النور]

أما النور بعـد الظلمة لمن رآه للعـامة إن كانوا في فتنة أو حيـرة، اهتدوا

واستبـانوا، وانجلت عنهم الفتنة، وإن كان عليهم جـور ذهب عنهم، وإن كانوا

تفسير الأحلام من كلام: ابن سيرين ، والبخاري وابن حجر & & & ۲۳۹

في جدب، فرج عنهم وسقوا وأخصبوا. ويدل للكافر على الإسلام، وللمذنب

على التوبة، وللفقير على الغنى وللأعزب على الزوجة، وللحامل على ولادة

غلام، إلا أن تكون حجزته في تختها، أو صـرته في ثوبها، أو أدخلته في

جيبها، فولد لها جارية محجوبة جميلة .

رؤيا الليل والنهار

أما الليل والنهار، فسلطانان ضدان، يطلبـان بعضهما بعضا. والـنهار

مسلم، لأنه يذهب الظلام، لأن الله تعالى عبر في كتابه عن الكفر بالظلمات ،

وعن دينه بالنور، وقد يدلان على الخصمين وعلى الضرتين وربما دل الليل على

الراحة، والنكاح، وربما دل النهار على النفاق وحركة الأسواق والأسعار ،

وعلى السراج والخلاص والنجاة، وربما دل الليل على البحر، والنهار على البر

وعلى البعث . وربما دلا جميعا على الشاهدين العدلين، لأنهما يشهدان على الخلق .

تعليقات